الرافعيّ أهدَاها يَوما ً زُجَاجَةُ عِطر !
وقليلا ً قليلاً تلبستْ تلّك الرائحَة و جه القمَر !
لـ تَكونُ رسَالتَه الثانيَة :
-|[ القَمَر ]|-
و قبّل َ الخَوضْ في تحليل هذه الرسَالة !
كأنّ " نازك الملائكَة " ترويّ لنَا بدايَة الحكايَة " القمريّة الرافعيّة " بهذه الأبيَات !
و كَان غُلاماً غَريبُ الرؤىَ غَامضُ الذكريَات
و كانَ يُطاردُ عطر الرُبىَ و صَدّى الأغنيَات
و كانتْ خُلاصَة أحلامِه أن يَصيد القَمر
ويُودعه قفصا ً منْ نَدَى وشَذى و زَهَر
هذه الرسَالة أقربُ إلى الإعجَاز في - التصوير و المُقَاربَة - بيّن
ذاك الأمير السَاحر - القَمَر - و بيّنَ تلّك السَاحِرة - محبُوبتَه -
صِراع أدبي رائِع , لذيذ يقُودك لرَوّعَة المُقَارنة و براعَة الرافعي في
خَلق أجواء - غيّر مألوفَة - منْ ضروب المٌقَارنَة !
,
تأخُذ هذه الرسَالة طابع قصَصَي إلى حد ٍ ما حيّثُ يبتدأ رسَالتِه :
بــ - كانَت - ( يقصد محبُوبتَه ) التي تعشق القَمر فـ تطلب من ( محبُوبها )
أن يُرسل رسَالة للقمر !
فيَقُول يا ذاك القَمر أتعّلَم كَم أحبُك و لكنّى أحبَبتُك َ أشَد و أكثَر
بعد - عشقِهَا - لك !
فيقُول مُناجيّا ذاك الأمير السَاحر كم أنتَ جميل بحٌبِهَا لك
فـ كأن جمَالك هُو إمتدَاد لـ جمَالهَا و كل ما بِكَ من سِحر هُو بالحقيقَة
منْ سِحرها !
( هذه مُقَارنَة تحمِل كثيرا ً من المبالغَة - الجميلَة , الذكيّة - )
فأيّ مُقَأرنة هذه أيّهَا الرافعيّ !
ألهذا الحَد تعشَقُ محبُوبتك لـ تُقَارنها بـ مُعَذب الشُعراء و قاتِل الأمُراء !
الجميل في هذه المُقَارنَة !
هُو عَدم إنكَار جمال القمَر بالكليّة بل على العكسْ تَماما ً نجِد الرافعي يَعمَد
لإبراز - جمَال القَمر - بذكاء بالغ فــ يقُول :
[ كُنتَ جميلا ً , و لَكَ جمَال ورَق الزَهر الأبيضَ , و كُنتَ في رقعتِك المضيئَة تُشبه
النَهَار مطويّا ً بَعضه عَلى بَعضْ . . و كُنتَ ساطعا ً في هذه الزرّقَاء و لكن سطُوع المصبَاح
الكهربائيّ على منَارة قائمَة في ماء البحر , و كنت زينَة السمَاء و لكن تُناط مرآة صغيّرة
من البَلّور إلىَ حائط فتُشبه من صفائها موّجَة ضَوء أمسكت و عُلِقَتْ في إطار مُعَلق ]
و كُلّ ذاك لأن يَقُول - و كمَا أرى - أنّ ذاك الجمَال الذي إستبَاح عُذريّة السمَاء
لمّ ينَل من محبُوبتي إستباحَة ً فـ هيَ أشَدُ منه و أجمَل !
- هُو - جَميل و لكنْ - هيَ - أجمَل !