من يكون .. مجهول الهوية ؟!!

في الطرقات يمشي تائهاً يتخبط بين الحنايا والمآرب ...
وجهه شاحب .. قلبه بارد .. عقله شارد ...
التقيته ... فاستغربت حاله ... سألته : من أنت ؟!!
جحظت عيناه ... تلعثمت نظراته ... حتى اختفى من أمامي بطرفة عين ...
تفطر الفؤاد عليه ... ترى من يكون ؟؟
آآه من دنيا ظالمة -في نظري- تشرد مثيل "مجهول الهوية لدي" ... ما ذنبه؟!!!
أسئلة لا إجابة لها ...
ومضت الأيام والدنيا على حالها مع قليل من رشات المرّ والعلقم تزيد من سوء جرعاتها ...
وذات يوم رأيته .. نعم هو .. أقسم أنه هو .. يختبئ خلف الأشجار ...
يجلس باكياً عندها ... استرقت السمع لحديث العبرات وهي تضرب أوتار بحيرة الدموع بانهمارها ...
سمعتها تقول :
ما ذنبي إن أباحوا قتلي عند الكبار ؟!
ما ذنبي إن جعلوني قيد الاحتضار ؟!
ما ذنبي إن أجهضوني لئلا أفرض عليهم الحصار ؟!
شردوني فيما مضى ولكن كان هنالك أمل بلم الشمل ...
ثم أضاعوني وسلموني مفاتيح العودة باتفاقية مع القدر ...
ولكنهم هذه المرة .. نفوني بحكم إبادتي من قلوب البشر ...
حرموني حق رفقتي مع الوجدان ...
حرموني حق رفعتي وعفتي ...
ألحقوا بي الخزي والعار ...
وجردوني من حقي في مزاولة دار القرار ...
فما أنا إلا هاذيٌ يتخطب في ضروب البلادة وسوء الاختيار ...
لا شعور عندي فقد أَمَتُّ بذوره ...
لا حقائق لدي فقد دَفَنْتُ أساريره ...
لا حق ينير طريقي فقد أطفأتُ قناديله ...
فكيف لي بذلك وأنا ضمير قد بيع ... ضمير قد ضاع ... ضمير قد تاه ...
فما عاد يعرف إلا وداع الأمل ليجلب معه كل صراع ونزاع ...
عدت أدراجي مدهوشة ...
ترى أهو ظالم أم مظلوم ؟!
عاقل أم مجنون ؟!
عالم أم جاهل ؟!
قاضٍ أم مذنب ؟!
أعمى أم بصير ؟!
بل أهو حق القدر أم باطل الاختيار ؟!!!!!!!

وبعد هذه الأشلاء المتبعثرة من حروفي لي سؤال لكل قارئ :
ترى .. هل هذا ضميري .. أم ضميركم .. أم سجانها جميعاً ؟!!!!
فلتصدق أنفسكم في باطنها حتى إن عجزت ألسنتكم عن نطقها ....